بم يهتم المراهقون؟ يعتقد الكثيرون أن كل ما يشغل بال المراهقين هو الموضات الغريبة والجديدة
وأحدث الملابس وتصفيفات الشعر وآخر ما غنى هذا المغني وذاك الممثل، لكن هذا
التعميم قد لا ينطبق على جميع المراهقين.
فالكثيرون منهم يهتمون كذلك
بما يحدث حولهم في العالم نظرا لكونهم على أعتاب مرحلة الشباب التي ستجعلهم
بصورة أو بأخرى من المشاركين في الأحداث وفي صنع المستقبل.
وعي بعض المراهقين الواعون من المراهقين يتابعون الأحداث الجارية في العالم ولا يريدون أن
يكبروا ليصبحوا شبابا فارغ العقل لا هدف له في الحياة ولا علم له بما يجري
من حوله. وبالتأكيد فإن هذا الوعي المبكر يبعد هؤلاء الفتيان والفتيات عن
توافه الأمور والاهتمامات السطحية، ويجعلهم أكثر حرصا على التفوق في
دراستهم وأكثر إصرارا على تكوين مستقبلهم الناجح فيما بعد على الصعيدين
العملي والشخصي.
اهتمامات سياسية رغم أن
المراهقين العرب تحت سن الـ18 ليس لهم حق التصويت بعد، فإنهم أصبحوا حاليا
من أكثر المهتمين بالسياسة، خاصة بعد اندلاع الثورات العربية في الفترة
الأخيرة وارتفاع الأصوات المطالبة بالتغيير. ولهذا يشارك المراهقون في هذه
الأحداث بتبادل الأفكار والنقاشات على شبكات التواصل الاجتماعي كفيس بوك
وتويتر. إنهم مهتمون لأن ما يحدث اليوم سيؤثر بلا شك على حياتهم وأمانهم
واستقرارهم في المستقبل.
اهتمامات علمية ودراسية كذلك يهتم المراهقون ممن هم على أعتاب دخول الجامعة بالاطلاع على
المعلومات المتعلقة بالدراسة الجامعية في الكليات المختلفة والفارق بين
التخصصات وفرص العمل المتاحة لكل تخصص، فهم على وشك الإقبال على الاختيار
الذي سيحدد مستقبلهم العملي فيما بعد، وللأسف فإن هناك قصورا في عالمنا
العربي بشكل عام بالنسبة لتنظيم مؤتمرات أو ندوات سنوية تهدف لتعريف طلبة
العام الأول من المرحلة الثانوية بالفارق بين القسمين العلمي والأدبي حتى
يمكنهم اختيار ما يناسبهم، وكذلك بالكليات المختلفة وأقسامها الداخلية
وشروط القبول بها حتى تصبح هناك فرصة كافية لهؤلاء الطلبة لتحديد المسار
الدراسي الجامعي المناسب لقدرات وميول وأهداف كل منهم في المستقبل، وحتى لا
يظل مصير كل طالب واختياره للجامعة والكلية التي سيدرس بها مرتبطا فقط
بمجموع درجاته في نهاية المرحلة الثانوية، والذي يكون هو الفيصل. ولكن لو
عرف الطالب منذ البداية المعلومات الكافية قد يدفعه ذلك للحصول على دورات
تدريبية ترفع من مستواه في التخصص الذي ينوي اختياره حتى يساعده ذلك في
تحقيق مجموع الدرجات الكافي للالتحاق بالكلية المرغوبة، وبالتالي في تحقيق
التفوق بها والتخرج فيها فيما بعد بإمكانات تؤهله للحصول على فرصة عمل
مناسبة تضمن له حياة كريمة وتحقق له النجاح العملي.
اهتمامات خفيفة لا يمكن إنكارها يهتم المراهقون أيضا بالموسيقى، ومشاهدة التليفزيون والذهاب لدور
السينما...لا أحد يمكنه أن ينكر ذلك، فهم يلهثون دائما خلف الجديد في كل
المجالات، فيشاهدون الأفلام والبرامج الجديدة ويستمعون لأحدث الأغاني
ويعجبون بالمغنين والممثلين الذين يرون أنهم يعبرون عن أفكارهم وأحلامهم.
يقبل المراهقون كذلك على تصفح مواقع الإنترنت المختلفة... قد لا يهتمون
كثيرا بالمقالات الثقافية أو القصائد الشعرية، لكنهم يقبلون على قراءة كل
ما يتعلق بالرياضة بالنسبة للفتيان، وبالموضة بالنسبة للفتيات، ويهتم
الجميع بقراءة الموضوعات التي تتحدث عن العلاقات بين الجنسين وأفضل الوسائل
للتعامل مع الفتاة أو الفتى.
يهتم المراهقون كذلك سواء كانوا
أولادا أو بنات بمعرفة أهم الأماكن التي تقدم لهم كل الخدمات التي يقبلون
عليها مثل التسوق وتناول الوجبات في مطاعم عصرية تمتليء بالشباب وممارسة
الألعاب الإلكترونية وغيرها، لذا يقبلون على زيارة المولات الكبرى المشتملة
على كل الخدمات في مكان واحد. فالخروج من المنزل هو بالتأكيد هوايتهم
المفضلة حتى يشعروا بالحرية والانطلاق.
وتبقى الحقيقة الأكيدة وهي
أن المراهقين ليسوا جميعا من أصحاب الرأس الفارغ والتفكير السطحي ويرون
العالم من زاوية واحدة فقط، فهناك الكثيرون منهم أكثر تعقلا ووعيا وقد
يمزجون بين اهتماماتهم الخفيفة واهتمامات أخرى مليئة بالوعي والتطلع إلى
المستقبل كمتابعة الأحداث السياسية أو الاهتمام بمعرفة الكثير عن فروع
الدراسة الجامعية المختلفة وفرص العمل المتاحة في المستقبل وغيرها من
الأمور، فهم مدركون أنهم على مشارف مستقبل يجب أن يحددوا مسار خطواتهم فيه
منذ البداية حتى لا تتقاذفهم الأمواج أينما شاءت.